ربي ثبتني الادارة العامة
عدد المساهمات : 290 تاريخ الميلاد : 02/01/1989 تاريخ التسجيل : 26/11/2011 العمر : 35
| موضوع: عامٌ يطوى وعملٌ يبقى الثلاثاء ديسمبر 13, 2011 1:13 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ، والذي جعل اختلاف الليل والنهار آياتٌ لأولي الألباب ، والذي يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ، والصلاة والسلام على خير من العابدين من أمر ه ربه بالتزود من هذه الدنيا بالعمل الصالح في هياته حتى أتاه اليقين ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) ،،،، أما بعد .... إن لنا مع نهاية العام وقفة تأمل إذ معها إنطواء عام من عمر الإنسان وكل ما أنتهى عام وأقبل عام تجدنا غافلين لاهين لم نتأمل أن هذا الأيام التي أنقضت هي من أعمارنا ولم نتفكر في أن هذه الأيام نقص من حياتنا الموفق فيها من كان من أهل الإعتبار إذ الأيام التي تنقضي لا ترجع ومواسم الخير والغنائم ربما لا تدرك وكلما تقدم بنا الزمن كان تقارب الزمان أسرع ( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ) النور:44 ، وهذه الدنيا ما الإنسان فيها إلا كراكب أستظل تحت شجرة فيها يمكث تحتها قليلاً وسرعان ما يرتحل منها ويتركها وقد شبه لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هذه الدنيا بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قَالَ : نَامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصيرٍ ، فَقَامَ وَقَدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ : (( مَا لِي وَلِلدُّنْيَا ؟ مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) ، وفي هذا عظةٌ وعبرةٌ لأولي الإدكار الذين لا يغترون بالدنيا وزخرفها ولا تغرهم الأماني . وهكذا الدنيا سرعان ما تتصرم فيها الأيام والأعوام فما يؤذن بإنتهاء عام إلا ويطرق العام ال بداية عام أخر يقودنا ذلك لزيادة الإيمان بأن الكون يسير وفق نظام بديع من بديع السماوات والأرض قال تعالى ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) يسن 38-40 ، ومن يتأمل في أيات الله الدالة على عظمته وصدق وعده قاده ذلك لأن يعلم بأن التعلق بالله وحده وعمل الصالحات هو الغالب على كل غفلةٍ تغمرنا في ظل ظهور مغريات الحياة وتقدم تكنلوجيا العصر ولا يكن الإنسان منتظراً موقفاً مؤثراً يكون سبباً لأن يكون في سبق المهتدين فما لك في الدنيا من ضامن لأجل أن تعيش للحظة فلا تكن أنت من يهتدي الناس بسببه بعد موته فلا تجعل أملك البقاء في الدنيا بل لأن تكون فيها كالغريب أو عابر السبيل يتقلل من متاعها ويعمل عملاً صالحاً لله ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبَيَّ ، فقال : (( كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ ، أَو عَابِرُ سَبيلٍ )) وَكَانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما ، يقول : إِذَا أمْسَيتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ . رواه البخاري . قالوا في شَرْحِ هَذَا الحديث معناه : لاَ تَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا وَلاَ تَتَّخِذْهَا وَطَناً ، وَلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِطُولِ البَقَاءِ فِيهَا ، وَلاَ بِالاعْتِنَاءِ بِهَا ، وَلاَ تَتَعَلَّقْ مِنْهَا إِلاَّ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْغَريبُ في غَيْرِ وَطَنِهِ ، وَلاَ تَشْتَغِلْ فِيهَا بِمَا لاَ يَشْتَغِلُ بِهِ الغَرِيبُ الَّذِي يُريدُ الذَّهَابَ إِلَى أهْلِهِ . والإنسان في هذه الحياة الدنيا كمثل المسافر يقول ابن القيم – رحمه الله - : الناس منذ خلقوا لم يزالوا مسافرين, وليس لهم حط رحالهم الا في الجنة أو في النار. والعاقل يعلم أن السفر مبني على المشقّة وركوب الأخطار، ومن المحال عادة أن يطلب فيه نعيم ولذّة وراحة, انما ذلك بعد انتهاء السفر، ومن المعلوم أن كل وطأة قدم, أو كل آن من آنات السفر غير واقفة, ولا المكلف واقف, وقد ثبت أ،ه مسافر على الحال التي يجب أن يكون المسافر عليها من تهيئة الزاد الموصل, واذا نزل أو نام أو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير. ( الفوائد ص 120-121) ويقول ابن الجوزي في صيد الخاطر: " من تفكر بعواقب الدنيا ، أخذ الحذر ، و من أيقن بطول الطريق تأهب للسفر . ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه ، و يتحقق ضرر حال ثم يغشاه ! و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه . تغلبك نفسك على ما تظن ، و لا تغلبها على ما تستيقن . أعجب العجائب ، سرورك بغرورك ، و سهوك في لهوك ، عما قد خبىء لك . تغتر بصحتك و تنسى دنو السقم ، و تفرح بعافيتك غافلاً عن قرب الألم . لقد أراك مصرع غيرك مصرعك ، و أبدى مضجع سواك ـ قبل الممات ـ مضجعك . و قد شغلك نيل لذاتك ، عن ذكر خراب ذاتك : كأنك لم تسمع بأخبار من مضى --- و لم تر في الباقين مايصنع الدهر فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم --- محاها مجال الريح بعدك و القبر ! كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده ، حتى نزل ! و كم شاهدت والي قصر وليه عدوه لما عزل ! فيا من كل لحظة إلى هذا يسري ، و فعله فعل من لا يفهم لو لا يدري ... و كيف تنام العين و هي قريرة ؟ و لم تدر من أي المحلين تنزل؟ . " الإنسان في هذه الدنيا كثيرةُ أماله ، يشغل نفسه بالليل والنهار من أجلها وتلهيه الدنيا بزينتها وبهجتها لأملٍ ينتظره أو عمل يدركه أو صفقة يبرمها إنها أمال ، ولكن يظل نعيم هذه الدنيا نعيمُ زائل فليترك الإنسان ما يشغل منها عن طاعةِ الله وليتفرغ لطاعة الله تعالى فإنها هي مضمار التنافس ( وفي ذلك فليتنافسِ المتنافسون ) والبقاء في هذه الدنيا غير مضمون وغير مملوك لأحد مهما على ولو يباع لاشتراه الناس ولنكن من الرجال الذين قال الله فيهم (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) النور37-38 . فبما أننا جميعا مقرون بأننا لم نخلق عبث وأن أعمارنا تمضي سريعة في بحر متقلب بأفراحه و متاعبه وأحزانه فلماذا لا نسارع إلى تغيير أنفسنا في عامنا الجديد ونصحح أخطاء مامضى وانطوى من ماضينا القديم ولنجعل عامنا هذا عاماً غير وخير لنا وللأمةِ جمعاء ....ولنبدأ بعقيدتنا وتوحيدنا لله كيف ثباتها مع مرور الأيام كيف هو توكلنا على الله ورجاؤنا به وخوفنا منه كيف حبنا له وأعمالنا هل هي خالصة له ثم كيف هو تمسكنا بسنه رسولنا صلى الله عليه وسلم هل طبقناها وسعينا إلى نشرها ثم كيف هو حال صلاتنا هل حافظنا عليها وتلدننا بأدائها ثم كيف هو حال إنفاقنا وصدقتنا هل أبقينا جزءاً من أموالنا ننفقه في سبيل الله ثم كيف هو حالنا مع أقاربنا هل وصلناهم وبررناهم وكنا لهم أنساً في الحياة ثم كيف هو حالنا مع الناس هل سعينا إلى نصحهم والتودد إليهم وتفريج كربهم وقضاء حوائجهم تساؤلات كثيرة والإجابة تحتاج منا إلى الإستعانه بالله ومجاهدة أنفسنا والعزم على تغيير ما نحن عليه من أخطاء لنجعل أيامنا مشرقه بالخير والطاعة فتتحقق لنا السعادة في الدنيا والأخرة قال الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) الروم : 69 ، ومن أراد أن يكون أسعد الناس وأحسنهم فليغتنم كل حياته وأيامه ولياليه بحسن العمل الذي يرضي الله تعالى فعن أبي صفوان عبد الله بن بسر الأسلمي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير الناس من طال عمره وحسن عمله" ((رواه الترمذي، وقال: حديث حسن)) وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
| عامٌ يطوى وعملٌ يبقى |
| متعب بن محمد بن أحمد المهابي
| |
| |
|