ربي ثبتني الادارة العامة
عدد المساهمات : 290 تاريخ الميلاد : 02/01/1989 تاريخ التسجيل : 26/11/2011 العمر : 35
| موضوع: خطر القدوة السيئة على الجيل الناشئ الأحد أبريل 08, 2012 8:50 pm | |
| خطر القدوة السيئة على الجيل الناشئ |
| خالد بن سعود البليهد
| الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فإن تربية الجيل الناشئ في المجتمع المسلم من أعظم المهام التي ينبغي العناية بها وبذل الجهد في سبيل تحقيقها وإنجاحها على أكمل وجه وأحسن حال. وتربية الجيل يجب أن تكون على القيم الصالحة والأخلاق الفاضلة والمبادئ العادلة لينشأ الجيل مباركا صالحا يخدم دينه وأسرته ووطنه ويكون حاميا عن دينه من الأعداء. وقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يعتني بالناشئة ويخصهم بتوجيهاته ووصاياه وحسن تعامله معهم وله معهم قصص ومواقف رائعة كما في حديث ابن عباس قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام: (إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك). رواه الترمذي. وجعل ابن عباس يبيت معه في صحبة خالته ميمونة رضي الله عنه فقام ووجد الرسول يصلي فصلى معه وعلمه كيفية الإئتمام. وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي: (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك). رواه البخاري. حتى الصغار لم يحرمهم من لطفه وعنايته فقد كان يسلم على الصبيان ويحملهم ويلاطفهم ويحنكهم ويدعو لهم كما قال محمود بن الربيع: (عقلت مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهى وأنا ابن خمس سنين من دلو). رواه البخاري. فقد كان صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة رائعة في مشاهد الصغار ومخيلتهم وفكرهم يقتدون به قولا وعملا وينهلون من قيمه وأخلاقه فكان نبراسا مضيئا في حياة الجيل الناشئ. وإذا تربى الجيل على القيم السيئة والأخلاق السافلة والظلم والكذب والخيانة نشأ جيل سيئ لا يرعى حرمة ولا يحفظ أمانة ولا يحمل دينه ولا يذب عن وطنه وعشيرته ولا يهمه إلا تحقيق مصالحه الشخصية. وقد كانت الناشئة على مر التاريخ تتربى وترتبط بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح والقدوات الصالحة إلى أن حدث تغير كبير وخلل في انموذج القدوة بسبب الإنفتاح الإعلامي والاختلاط بثقافة الكفار وتسلط السفهاء على مقاليد الثقافة. واسوأ ما في التربية المنحرفة أن يرتبط الجيل بنماذج سيئة من خلال تعظيم الإعلام لرموز الفن والغناء والتمثيل ويرى تعظيم هذه النماذج في أسرته ويصبح ويمسي على متابعة البرامج الساقطة والمشاهد الهابطة التي تسوق للرذيلة وتقضي على الفضيلة ويندهش لتناقل من حوله أخبار هؤلاء فيصبحوا قدوات مؤثرة في حياته وينشأ على تعظيمهم وتقليدهم في الفكر والسلوك. إن ارتباط الجيل الناشئ بهذه النماذج له أثر سيئ في يناء شخصيته ورؤيته للأشياء وتصنيف القيم والأخلاق لديه وله أثر سيئ في الاستهانة في ارتكاب المحظورات والتساهل في فعل الفرائض ذلك أن كثيرا من البرامج لا تغرس في فكر المتلقي وسلوكه أهمية الارتباط بطاعة الله وتزين له المنكرات باسم التقدم والرقي. وهناك خطر عظيم ينشأ من الاقتداء بالقدوات السيئة ألا وهو غياب هويته الدينية وضعف انتمائه لتقاليده وعاداته وقومه بحيث يصبح انسان لا يحمل ولاء ولا غيرة انسان تافه خال من مقومات الحضارة والثقافة الراشدة. إنه من المؤسف أن يتولع الصغير بمتابعة أخبار الفن وصيحات الموضة وتقليعات الفنانين ويستغرق ذلك جل وقته واهتمامه وتفكيره في الوقت الذي تكون حياته خاوية من متابعة البرامج المفيدة والهوايات النافعة والمعاني المهمة. وسبب توجهه الخاطئ هو تعلقه بهذه القدوة السيئة بحيث أصبح الناشئ يرى ويسمع ويتذوق الأشياء من خلاله وغاب دور الأب والمعلم والأسرة والقرابة في توجيهه إلى معالي الأمور وترك سفاسفها. إنه من الملاحظ أن كثيرا من أبنائنا لديهم ثقافة عالية في أخبار الفن والرياضة ومعرفة تفاصيل الفنانين والممثلين والبرامج التافهة وما استجد من الأحداث في الوقت الذي نجدهم يجهلون سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار أصحابه العظام وقادة المسلمين وتاريخهم المشرق ومواقف العزة والغلبة لهذا الدين العظيم فلا يعرف الناشئ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا قصة الخلفاء الراشدين ولا فتوحات الأبطال إلا لمحات يسيرة. لقد غاب عن كثير من الناشئة استحضار القدوات الحسنة وصاروا لا ينتمون لهم فكرا وخلقا ولا يعيشون أخلاقهم وشمائلهم. ويزداد الأمر سوءا إذا كان الأب أو الأم يربي الطفل على تعظيم هؤلاء ويعوده على أداء وتقمص سلوكياتهم فيعلمه الرقص والغناء ليلا نهارا ويظهر له الاهتمام بمتابعة أهل الفن ويرى أن هذه التربية تصقل مواهب الطفل وتفجر الإبداع في قدراته ولا يحفل أبدا بذكر أخبار السلف والصالحين ولا تعويده على فعل الفرائض والله المستعان. ومن كانت هذه عادته فقد خان الأمانة وغش الرعية فيما استرعاه الله وائتمنه عليه. ومن جناية الإعلام التافه أنه يقيم البرامج والمسابقات التي تربي الناشئ على ممارسة اللهو والرقص والغناء وتنمي قدراته في هذه المواهب الشيطانية مع ربطه برموز الفن ليرعوا مواهبه ويغذوا قيمه الهابطة. ينبغي على المسلمين أن يعنوا بهذه القضية ويشغلوا وقتهم في معالجة هذه الظاهرة السيئة ويكثفوا من وضع البرامج والأنشطة التي تعزز القدوة الحسنة في المدارس والنوادي ومحيط الأسرة والمسابقات وفي المقابل يعملون على تركيز ثقافة النفور من القدوات السيئة والتنفير من أفعالهم المشينة والاهتمام على تأصيل مبدأ التفريق بين القدوة الحسنة والقدوة السيئة. وعلى الدولة والمسؤولين ملاحقة ومتابعة الإعلام ومحاسبته في إخراج البرامج الهابطة وتكثيف البرامج الصالحة ومزاحمة الباطل ولا يحل للمجتمع المسلم أن يترك ملاك القنوات التجارية يعبثون بعقول وسلوكيات أبنائنا بحجة حرية الإعلام وثقافة الإبداع. إنه من المؤلم حقا أن يصبح الساقطون والساقطات من أهل الفن شخصيات معتبرة لها قيمة وشهرة وذيوع واحترام وتقدير في مجتمع يلتزم بالشرع ويظهر شعائر الدين وأهله معروفون بالخير والشهامة والمروءة والفضل. ومن البرامج النافعة في تعزيز القدوة الحسنة في حياة الناشئة تسليط الضوء على رجالات فذة ساهمت في بناء مجتمعنا في مجالات شتى مفيدة دنيوية أو دينية في مجال العلم والاقتصاد والسياسة والعمل التطوعي والطب والتقنية. إنه من المؤسف حين تسأل كثيرا من أبنائنا عن القدوات الناجحة سواء كان في وطننا أو في الوطن العربي لا تجدهم يعرفون أيا منهم إلا قليلا من الساسة. لماذا غيب عنهم سيرة هؤلاء الأفذاذ لماذا لم يفعل الإعلام سيرة هؤلاء ويربطهم بالناشئة بأسلوب عصري مبسط في متناول الجميع. أين دور المراكز والجمعيات التطوعية عن إحياء نماذج مؤثرة في باب القدوة الحسنة بوضع المسابقات والقصص المشوقة والأشعار التي تجذب الناشئة وتغرس فيهم حب الفضيلة والقيم الإسلامية والأخلاق الزاكية بدل الارتماء في أحضان القدوات السيئة. الأمر يتفاقم وإن لم نتداركه سينشأ جيل يفكر ويتنفس ويتخلق بثقافة وروح الغرب ليس له عروبة ولا إسلام إلا بالانتماء ومظاهر شكلية خاوية والله المستعان.
خالد بن سعود البليهد عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة binbulihed@gmail.com 14/5/1433
|
| |
|